"حين تصحو مصر: لماذا يرتبك العالم؟" قراءة في صراع المصالح وازدواجية المعايير الغربية
---
المقدمة:
ليست مصر دولة عادية.
فحين تتحرك، يتغيّر ميزان.
وحين تصمت، تُعاد هندسة الخريطة في غيابها.
لكن السؤال الحقيقي: لماذا يُثير مجرد نهوضها كل هذا التوجس في العواصم الغربية؟ ولماذا يتم تحميلها بكل ما يحدث في محيطها، بينما تُغضّ الأبصار عن انتهاكات صارخة في أماكن أخرى؟
ما يبدو في ظاهره "انتقادًا سياسيًا" أو "دفاعًا عن الحريات" يتحوّل، عند التأمل، إلى نمط متكرر من الاستهداف المنهجي، والتشويه المتعمد لدور دولة تُدرك حجمها، وتحاول استعادة موقعها.
---
حين تتحدث لندن بصوت واشنطن… وتغض الطرف عن تل أبيب
لا يحتاج المتابع لجهد كبير كي يرصد التناقض:
الإعلام البريطاني، في مؤسسات كـBBC وThe Guardian، لا يمر أسبوع دون تقارير "تحذيرية" عن مصر.
تقارير حقوقية تُكرر العناوين نفسها، دون التحقق من سياق أو توازن.
تجاهل كامل لجرائم الحرب الإسرائيلية في غزة، أو سياسات التمييز العنصري المستمرة في الضفة.
تجاهل أوسع لملفات حلفاء آخرين، بعضهم لا يعرف من الديمقراطية سوى اسمها في الدستور.
النتيجة؟ مشهد إعلامي يُدين من يقاوم، ويتغاضى عن من يحتل.
---
مصر: عودة الوعي… لا استعراض القوة
الانتقادات التي تُوجَّه لمصر لا تخيف.
لكنها تكشف عن شيء أعمق: خوف خفي من عودة الدور المصري الحقيقي.
لأن مصر حين تستعيد استقلال قرارها:
توازن الكِفَّة في إفريقيا.
وتُربك خرائط الهيمنة في الشرق الأوسط.
وتُعيد تعريف العلاقة بين الجنوب العالمي ومراكزه القديمة في أوروبا.
هي لا تطلب أكثر من حقها في التنمية، والاستقرار، والعدالة.
لكن هذا وحده، يبدو كافيًا لإثارة القلق لدى من اعتاد أن تكون مصر مجرد تابع.
---
ازدواجية المعايير… ليست مجرد خطأ، بل سياسة
لا يمكن فهم الموقف الغربي دون العودة لتاريخ طويل من التدخل والتشكيل:
دعم جماعات دينية لتمزيق الهوية الوطنية.
رعاية إعلام بديل يخاطب الخارج لا الداخل.
التلويح بـ"حقوق الإنسان" حسب الطلب، بينما تُدهس الشعوب بأقدام المصالح.
الانتقائية في النقد ليست خطأً عفويًا.
بل انعكاس لمنظور يرى العالم من زاوية واحدة فقط: من يخدم مصالحنا… ومن يُربكها.
---
الخاتمة: مصر لن تعتذر عن وعيها
إذا كانت بعض الدول تُخيف الآخرين بصواريخها،
فمصر تُقلقهم بشيء أخطر: وعيها.
وعي بتاريخها، بدورها، بحقائق الجغرافيا، وبأن طريقها لا يُرسم في عاصمة أجنبية.
ولهذا السبب تحديدًا…
حين تصحو مصر، يضطرب كثيرون.
---
مراجع مساندة:
1. تقارير BBC حول مصر منذ 2013 حتى الآن (تحليل نمطي).
2. Guardian Investigations on Egypt – various years.
3. تقارير Human Rights Watch عن إسرائيل: انتهاكات لم تُذكر.
4. Amnesty International Reports – مقارنة تغطية مصر/إسرائيل/السعودية.
5. تحليل معهد Brookings: The Role of Egypt in African Security.
6. كتاب Mark Curtis – Secret Affairs: Britain's Collusion with Radical Islam
7. أرشيف وزارة الخارجية البريطانية – الوثائق المتعلقة بالسياسات في الشرق
Comments
Post a Comment