مصر في مواجهة الظل: حين تعثرت تل أبيب وانكشفت واشنطن

في لحظة من لحظات التوازن الهش في الشرق الأوسط، قررت إسرائيل أن تُقدم على مغامرة كبرى: ضربة قاصمة تستهدف قيادات من حركة حماس، بموافقة ضمنية من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. الهدف كان واضحًا: ردع المقاومة، وإظهار أن "صفقة القرن" لا تسير فقط عبر الطاولات الدبلوماسية، بل يمكن فرضها بالنار. لكن ما جرى لم يكن في الحسبان.
إسرائيل: خرق القانون وفشل الميدان
إسرائيل خالفت القانون الدولي بشكل فجّ، باستهداف سياسيين داخل مناطق مدنية مكتظة. لكنها لم تحقق النتيجة المعلنة: لا القيادات سقطت، ولا الردع تحقق. على العكس، المشهد خرج للعالم كدولة تتصرف خارج الشرعية، وتفشل في تحقيق أهدافها رغم الغطاء الأمريكي. الفضيحة هنا مضاعفة: جريمة بلا جدوى.
أمريكا: قوة عظمى في لحظة عجز
ترامب منح الضوء الأخضر، لكنه لم يستطع أن يحمي إسرائيل سياسيًا أو عسكريًا عندما تحركت مصر وأوقفت التصعيد. الأكثر إحراجًا أن الخليج، الذي دفع مليارات في صفقات حماية وتسليح، شاهد بأم عينيه كيف أن القواعد الأمريكية لم تفعل شيئًا. لحظة صادمة: أمريكا ليست الضامن الذي يوهم به حلفاءه، بل قوة تبيع الوعود وتنسحب ساعة الجد.
الخليج: شراء الوهم
في هذه المعادلة، كان الخليج هو الطرف الخاسر الصامت. الأموال الهائلة التي صُرفت على حماية أمريكية لم تتحول إلى قوة رادعة حقيقية. القواعد بقيت تتفرج، والضربة انتهت دون أن يتغير شيء. الرسالة وصلت بوضوح: لا واشنطن ولا تل أبيب يمكنهما أن يوفرا المظلة الأمنية الموعودة.
التظليل الأمريكي–الإسرائيلي: مفاوضات شكلية وأمر واقع
بينما كانت واشنطن وتل أبيب تروجان لفكرة "مفاوضات سلام جادة"، كان المسار الحقيقي مختلفًا تمامًا: محاولة فرض أمر واقع بالقوة. الضربة ضد حماس لم تكن مجرد عملية عسكرية، بل رسالة تقول إن الطاولة التفاوضية ليست سوى غطاء لتحركات ميدانية. لكن تدخّل مصر كشف هذا التناقض، وأبرز أن ما يُعرض كمسار سياسي ليس إلا واجهة لتكريس ميزان قوى منحاز.
مصر: اللاعب الذي قلب الطاولة
في قلب هذه الفوضى، تحركت القاهرة بسرعة. فتحت قنوات التفاوض، ضغطت على إسرائيل، وأمنت سلامة قيادات مهددة بالاغتيال. لم يكن مجرد وساطة، بل كان فرض إيقاع جديد على المشهد. مصر أثبتت أنها الدولة الوحيدة القادرة على الإمساك بخيوط اللعبة، وأن استقرار المنطقة لا يمر إلا عبرها.
خاتمة
ما جرى لم يكن مجرد جولة عابرة، بل هزة كبرى بالمعنى الكامل. إسرائيل خالفت القانون الدولي وفشلت، أمريكا انكشفت كقوة عاجزة تبيع الكلام أكثر مما تصنع الأفعال، والخليج دفع ثمنًا باهظًا مقابل حماية وهمية. وحدها مصر خرجت كفاعل حقيقي، تفرض التوازن وتحمي الاستقرار حين ينهار الآخرون.

Silent Egypt Observer Independent Analysis from Egypt

Comments